بائع وردٍ أم ملاك؟ وكيف تبدّلت معادلات الألم والسعادة؟

25 فبراير  .   3 دقائق قراءة  .    856

Image by mohamed Hassan from Pixabay

في ذلك اليوم، حين بدأت الشمس تلملم ذيولها، مدّت لي يد العون فرحت ألملم نفسي المشتتة. رافقتها وجسدي إلى المكان الذي ينفث ‏فيها روح الحياة، إلى ذلك الصرح الخالد الذي منه نناجي الربّ، إلى بيتٍ من بيوته... أفرغت بين راحتيه شؤوني وشجوني، وكلّمته، ‏ناجيته، تضرّعت إليه وسلّمته ما هو أصلاً له... حينها، لم أشعر إلّا بأنفاسي تعبق في المكان وبكلماتي تتهادى على زوايا ‏الجدران... تراها أوصلت إليه تلك اللوعة الحارقة في قلبي؟ تُرى نور صرحه حمل إليه حرارة صلواتي...؟ ‏
لملمت مجددًا ما جمعته في تلك الساعة وركبت سيارة والدي متّجهًا إلى البحر، علّى قربي منه ومن سمائه يضيئان في داخلي تلك ‏الشمعة المترنّحة بين الظلام والنور...‏
ما إن اقتربت منه حتى أوقَفَتْ إشارةُ سيرٍ حمراء مسيرتي إليه... غريبٌ أمرها وقد اعتنقت لون الحبّ والقلب لتمنع التقدّم. غريبةٌ ‏بجرأتها على هذا المارد... ولكن سامحتها هذه المرّة فقد تواطأت مع بائعِ وردٍ فقذفته إليّ حتى انتصب أمامي، برجلٍ واحدةٍ، متأبّطًا ‏ما طاب له من ورودٍ أراد به كسب معيشته وإسعاد غيره... نظر إليّ، بحبٍّ كألوان وروده، وقال: "وردة؟"‏
تعجّبت لوجوده فأجبته:" شكرًا لك... فليس لدي من أقدّمها إليه..." وفكّرت: "أنا أيضًا قد جفّ مني الحبّ وتمسّك في أوصالي ‏جبروت (اللاحب)"... وبنظرة عطفٍ منه كأنّه شعر بحزني وسمع أصداء نبضاتي المتعرّجة فأردف قائلًا:" لا بأس، فأنت أجمل ‏وردة...!"... كيف لثلاث كلمات أن تشبك أوصال نفسٍ ضائعة... كيف لقوّة الكلمات أن ترتق ما فتقته أيامها السابقة... قلت في نفسي: ‏‏"من يتكلّم، هل هو أنت يا الله وقد سمعتني والآن أسمعك؟! أشعر بك في ذلك النور المشعّ من عينيّ بائع الورد..." يا ربّ كم أنت جبّار ‏في تواضعك، وكم نحن ضعفاء في تكبّرنا... كم أنت جميلٌ في كمالك، وكم نحن تائهون نبحث عن ذلك الجمال وقد زرعته في نفوسنا ‏مذ أضاءت أمامنا طريق الحياة... بل أنت أيّها البائع أجمل وردة، أنت ومن جسّدته في كلماتك، أما أنا، كنتُ تائهًا حتى وجدتك... طبت ‏وطابت الأرض التي منها قطفت هذه الورود... ‏
 

  3
  10
 1
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
رنيم عزّام
05 مارس
هكذا نسقط لتلتقطَنا يدا اللّه!
  0
  0