01 يناير . 3 دقائق قراءة . 641
بلحظةٍ،
ساعةٍ، يوم، أو ربما أسبوع يتجدد، ويُعاد تشكيل كُلّ خَلقِنا وخُلُقِنا.
في النور ينكشف كل
شيء، ويمكن تمييز كل الأشياء، هذا يساعدنا لننقي حنطة ذواتنا وزيوانها على ضوء الشمس
المنير.
وفي هذا النور وضوء
النهار، تشغلني منذ أيام كثيرة صحبة مع ثلاث سيدات يمتطين الأرض، جالساتٍ بلباس
بدوي وملامح سمراء منهكة، تشبه الصور التي تفوز بالجوائز في معارض المنظمات.
على مدخل عمارة بيتنا،
يَبعنَ الخضار والفواكه وما تيسّر من منتجات الأرض السخية والحيوانات الكريمة. في
الصيف تحت فيء شجرة وفي الشتاء تحت حِمى ذات الشجرة.
كلٌ منهن تجاوزت العقد السابع على الأقل، تخفي وراء شِماغها الأسود قصصاً
من عرق الجبين تنهل وتظمأ.
تجمعني بهنّ صحبة يلفّها وقارٌ وخَفَرٌ شديد، أتحدث معهن يومياً، لُطفٌ
وابتسامةٌ وصوت أجشٌ ينضح حُباً، دون أن تترك اليدين فرم الخضار لتكسب قوتها،
وتطعم أفواهاً جافةً تنتظرها. بكَرِم الميسور تقدّمن مالهنَّ كأنهن لا يملكنه
أصلاً. كمشهد فِلسي الأرملة في كتابي الذي أقدّسه.
البارحة، خرجت إليهنَّ كعادتي لأشتري حاجة المنزل وأتبادل خيوط الطمأنينة، جثوتُ
على ركبتيّ مع واحدةٍ أبادلها شيئاً من وِد بكلمات بسيطة، وسأفرد مقالاً لحوارنا.
واليوم أيضا، ركعت مع سيدتين أخرتين ولحديثنا وقت لاحق، فقصصهم تستحق
التأريخ.
المهم، في سياق حديثنا في اليومين وفي كل مرة، أدهشني ذكرهنَ عبارة (نشكر
الله) ما يفوق المئة مرة، في بداية أو نهاية الجملة مع غَصّة، أخبار حياتهنَّ
تُماثل التراجيديات الخالدة، لكنهنّ شاكرات حامدات، يعشن برضى وتسليم دون كسل أو
جحود. إرادة صلبة ومسؤولية للعقل هي أكبر منهن، لكنهن أقوى منها.
الأولى أهدتني قرني فول والثانية مثلهما بازيلاء والثالثة خَسّةً، من أشهى
ما تذوقت. مع اعتذار عن تقصيرهن، وتمنيٍ لو كُنّ يعرفنني أيام الخير!!
منذ عامين أهديتهن اهتمامي، محبتي، إصغائي وعناية بأن أطمئن يومياً عليهن.
وابتسامة عريضة قلبية يومية، وتحيةً صباحية.
رحلتهن اليومية بين أرضهن وعائلاتهن والزبائن والله، دورة حياة كاملة،
تزيدهن اتضاعاً وحزناً مع رجاء بربّ لا يتوقفن عن ذكره لحظة.
أين نحن منكُنّ؟ أي شُكرٍ نؤدي؟ هل نحن راضون؟ وما هو الرضى؟
الأرض التي تجلسون عليها تنفع مدرسةً، وحديث الصباح يصلح منهجاً.
ثلاثون عاماً تحت الشجرة، أنجبت أمّهاتٍ ربّتن أسراً، وآلاف الروايات التي
لم تكتب.
13 ديسمبر . 0 دقيقة قراءة