19 مارس . 5 دقائق قراءة . 777
ظل لزمن بعيد، ذلك المنسي في ظلال جدران بيوت المخيمات المكتظة بصور شهداء ابناء المخيم والمخيمات الاخرى، حيث تتبارى الفصائل الفلسطينية لعرض صور من ذهبوا ولن يعودوا الى امهاتهم،او حضن الوطن الذبيح المستباح، وعندما كنت اتسكع في مساءات دمشق الحزينة سنوات خدمتي الالزامية،وفي آخر الليل اعود وحيدا الى مرسمي في غرفتي في باب الجابية، كنت في كل مرة ومابين مشاويري مرات عديدة، احظي بالمرور الى صالة الشعب للفنون الجميلة، حيث مقر نقابة الفنون الجميلة في سورية، كنت المح معرض للفنانين التشكيليين الفلسطيين السوريين،
كنت لا اعرف شخصيا الا فنان واحد كان قد زارنا الى مدينة الميادين بدير الزور في شرق سورية، حيث يملك صداقة حميمية هناك مع مدير المركز الثقافي ،واقام له معرضا، اهتمت البلد لوجود فنان فلسطيني هناك، وهذا له مكانه لا توصف عند نفوس الناس ،سكان المدينة المتوحشة لخدمة القضية الفلسطينية، وشاءت الاقدار ان يزورني ذلك البطل المحرر من الأسرى ،حيث كنا في شغف لخدمة ذلك الفنان العربي الفلسطيني الاسير ، حيث طلب منا توزيع مطبوعات عن لوحاته أثناء الاسر ،حيث اشتهرت قصصه التي يتحدث عنها ،ومنها يتكسب لقمة عيشه،ويحدث ان يكون الفنان تاجرا،وحربوق ويتفذلك عليك، بحيث تقع له ،ضحية موقف طيبتك،وعفويتك وتفاعلك الانساني والمبادئ، ولكن مع الوقت تكتشف كم انت مغبون في حتى محبتك الى قضية تتمنى ام تكون فيها عادل، ويحدث العكس مرات،
لهذا وفي كل معرض للفن الفلسطيني ،جعلت نصب عني ان افتش عن المعايير الحقيقية التي توازي الذوق العام ،بحيث كل مرة ابحث عن جديد تلك النخبة الفنية المبدعة والتي اعرفها فقط من اللوحة المعروضة امامي في صالة الشعب او حيطان المركز الثقافي السوفيتي، ليظل من اعرفهم شخصيا اقل من اصابع اليد الواحدة،ولكن من ارى لوحاتهم كثر،واحبها اقل من تلك الكثرة التي جزء منها ،لايخضع لشروط العرض والطلب، وفي كل مرة يحضر ذلك الفنان المحرر الى مرسمي، اساله عن فناني ماابحث الى لقاءهم، اذكر مرة اني سألته عن فنان تزحي رسمته بالرومنسية، وان وراء تلك العتمة الرومنسية، البنفسجية فنان اخر منسي من الصحافة التشكيلية السورية ،التي لا يظلم بها احد ولكنه الاغلب مظلوم ،ان لم تملك الواسطة والطائفية والتحزبية والعلاقية،وحك لي تحلك، وهكذا تدار الامور لليوم،وستظل كذلك لزمن ليس بعيد،ولكن وامام فداحة الموقف واهميته الضارة في حياة الإبداع الانساني والمبدعين، ضاعت جهود مخلصة بسبب انتهازية البعض واقصاء البعض وتهميش كل من لايقدم تنازلاته ويرفض مساوماته على مواقفه التي يحبها ويعيشها،
اظن اني طلبت عنوان ذلك الفنان افكر في زيارته والوقوف على احداث إبداعه في مرسمه، سخر مني ان ابحث عن فنان يسكن دهان البيوت،ولايبالي لاي ماخذ ،جديد او قديم، ومنهم من قال لي لماذا تفتش وتعذب نفسك،وماتبغى له، حزنت كثيرا ان تدار حياتنا الإبداعية ضمن عقلية البعض الاخر، فمن خالف احدهم، سقط صرعى معارك هامشية لا علاقة لها بالابداع والقضية التي نريد التعبير عنها فانا كنت اجمع ارشيفي في بياناتي حول واقع جماليات الفن التشكيلي العربي،ومنه التجربة الفنية الفلسطيني،وعندما تكون مؤرخ او باحث او ناقد تشكيلي، احيانا تشغلك ابعد تجربة تشكيلية،واصغر منجز تشكيلي في ابعد نقطة من هذا العالم، لهذا وقتها سنة ١٩٨٩م ،لم يكن لا ايميل الكتروني،ولا بريد الكتروني، ولا غوغول ولامحركات بحث إلكترونية ولا موسوعة عالمية حرة،ولا معلومات بديلة يمكن ان تتعرف على لوحات وصور ادق عن اي فنان تشكيلي عربي او اجبني، لهذا اصلح الامر اسهل من زمان الذي كان فيه التعامل على الاخر،
اسهل من شربة ماء، ومن خالف اي راي وقعت لك دعاية مغرضة،ودعاية تحاملية،ومنها وقد ضاعت جهود إبداع الكثيرين ،لهذا لم نلتقي في الفنان التشكيلي العربي الفلسطيني السوري جهاد حنون ،احد كوادر الفن التشكيلي بدمشق لسنوات طويلة، بدون ان ترى له اللمعة المطلوبة التي يجدها الان، في منفاه الاوربي حيث وصل اخير بعد موجات النزوح السوري والفلسطيني السوري اثر ازمة ماحدث ويحدث في سورية،من حرب مستعرة ومستمرة،وقد اشترك فيها كافة الاستبدادين والطغاة والامم المتناحرة في تجارة للحرب والسلم، لهذا وهرب من امراء الدمار والخراب والدم، رحل حاملا حقيبته اللوحة وسكنها ذلك الحنون جهاد،وقد اثقله الهواء في هتافات تشكيلية استقرت عن ملامح ومميزات كانت تفقدها لسنوات طويلة بسبب الحاجة الى حياة كريمة، جعلت الفنان جهاد حنون يفتش عن عواطف نفسه اتجاه اقمطة الليل الطويل والثقيل على مسلسل أيامه التي عاشها باحثا عن خصوصيته الفنية واسلوبيته التي وجدها اخيرا، فتفوق فيها،
محاولا التعويض في نطاق الفن واللوحة التي ارادها ان تكون حنونة معه، وهو لازال في طور البحث والتجريب والتدريب،حتى يجد في بعض ذكرياته وحياته، معاد التاريخ الفني لجمال لوحاته التي اوقفها، في تجربة عواملها الإبداعية، واقع معاش،واحلامه في ايحائية موازية لما تعلمه منذ ان كان يلاه، حيث كان المدرس التشكيلي يعلم طلبته ،دروس الطباعة على الورق ،او القص واللصق،والتلوين الحر، ومن خلاص تلك الدروس الأولية، يتعلم الطلبة عبر بحوث من يريد ان يبدع، لهذا وجد الفنان المجرب جهاد حنون ضالته المنشودة، في محفوراته، التي يبدعها سارحا مابين وجوهه الإنسانية الحالمة، مستفيد من خاصية الكشط بابرة دقيقة كما فعل من قبله الفنان العربي الفلسطيني الشهير الراحل محمد الوهيبي ،اشهر من تالق في خاصية ذلك الفن الرفيع الذي يجسد التجريب والاسطورة الشرقية، ليكمل خصائص ملامح تلك اللوحة الحديثة في الحركة الفنية العربية الفلسطينية ،ديمومة استمراريتها الفن المجدد والمجرب المجاهد جهاد حنون، ناشر في خجل واستحياء محبب، قيمة تمازج الاشكال العضوية في تكوينها، نغم وايقاعات تشكيلية متراقصة، كانها نتيجة جمالية وبيلوجية لاشكال تهشيراته الهندسية التصويرية الحفرية على سطح تلك الملامس التصويرية،التي يريدها لوحاته، مبتعدا عن الزخم الكثيف،والرسومات التفصيلية، تاريخ لحريته الشاعرية اتجاه الانسان،هي من تحلق به،ولوحته الأثيرة على قلبه، هي من تحمل طيات مراحل صناعة لوحته، وفي نفس الوقت يستمر في ابداعه الى اتجاه يحمل نبضه هو ،وفي ذلك احساس ذلك الرجل البدائي عندما يترك إثر على جدران نفسه،وذاته المبدعة التي منهجيته نحو وجوه نساءه الحالات الحالمات،وشخوص شخصياته، المتجددة في تجلي محبب، وظاهر في حالة تواصلية مليء في تقنية الراس الحادة ،التي تشكل مكنون لوحاته المتخيلة بعدة أسئلة عديدة تحمل تقنيتها جمالياتها الواضحة في سهولة ممتعة وممتنعة، ليستمر الفنان المكتشف جماليات مكوناته البنائية جهاد حنون وكانه من يستدعي الدهشة في حبور، والعاشق الذي يناغم وجنات خدود نساءه عاشق ومعشوق،
قراءة الناقد التشكيلي عبود سلمان / كندا
ادمنتون / البرتا
06 سبتمبر . 1 دقيقة قراءة
15 سبتمبر . 4 دقائق قراءة
15 سبتمبر . 5 دقائق قراءة
03 سبتمبر . 3 دقائق قراءة