05 أبريل . 4 دقائق قراءة . 792
بولندا .. كانت السماء شاحبة ، تجمعت السحب فوق
ساحة المعركة المدمرة ، وانتظرت ، رأيت العدو من بعيد
يجهز أسلحته ويستعد للهجوم ، ربما للمرة الأخيرة
كان الهدوء يسبق العاصفة .. أنا ملتزم جدًا بفن الحرب
لدرجة أنه لم يتبق لي ذاكرة أخرى في حياتي ..
كيف كانت طفولتي ..؟؟ من كان والداي ..؟؟
أشعر وكأنني ولدت جالسًا على حصان ، وسيف
في غمدي ، وخوذة على رأسي ..!! على طراز فرسان الهيكل ..
لقد انتصرنا في عشرات المعارك دون أي هزيمة حتى
الآن رغم قلة أعدادنا كنا " القوات الخاصة " ..
كان بعضها طويلًا وشاقًا ، تستند جميع معاركنا
على تكتيكات مدروسة بعناية ، إن ذكاء مواقعنا
وسرعة تحركاتنا هو الذي يربك العدو ، ويجعلنا منتصرين
في كل مرة ، لكن بدون مساعدة الله ، لم يكن أي شيء
ممكنًا ليرشدنا الله في كل خطوة ، ويتحدث إلينا ،
ويمكنني سماع صوته بوضوح ، مع كل انتصار
من انتصاراتنا ، لكن هذه المرة ، يبدو أن الله قد تخلى عنا ..
يبدو العدو أكثر سوادًا من الليل ، مثل شبح مخيف ،
يرتفع من لا شيء ، فجأة يلوح في الأفق هجوم طويل ..!!
يوم مشهور في المنتزه ، لا يزال إنذار شاحنات الإطفاء ،
يتردد صداه في رأسي ، كما لو كان بالأمس ، وجدت نفسي
مغمى علي ، المدينة في حالة الطوارئ ، كان ذلك في مايو ،
كان وقت الغذاء في الساعة 12 زوالا ، في حديقة
حي تشويكا بمدريد ، عرفت فيما بعد أن حريقا ضخما
إندلع في محل سكناي ، إثر انفجار عبوة ناسفة ،
زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة ، حيث أقدمت
على شن هجوم آخر بعدها ، في أحد المطاعم و المكتبات ،
عمت الفوضى في كل مكان ، و انتشر الرعب في المجتمع .
وصل عدد الضحايا إلى ما يزيد عن 200 شخص
ما بين جريح و قتيل . نقلتني سيارة الإسعاف إلى أقرب
مركز صحي .. اتصلت بي زوجتي " إيلينا " و أولادي
ليطمأنوا على حالتي ، لحسن الحظ أنهم في نيوزيلندا ،
بعيدين عن كل هذه المآسي ، كان قراري صائبا لإبعادهم
عن مكان عملي ، حيث أحاول توفير جميع سبل الراحة لهم ،
و لا أعرضهم لأي مكروه أو مشكلة ، كنت نائما حين سمعت
صوتا ينادي " مستر فينش " ، فتحت عيناي ، فوجدت
رجالات " إم. آي. 6 " و " سي آي إيه " جاءوا لطلب معلومات بخصوص أفراد العملية ، و مساعدتهم في القبض عليهم ،
حيث كنت المسؤول عن ملف الإرهاب بأوروبا ،
تركوا لي صور بعض أفراد الخلايا ، لمعاينتها ،
و اعلامهم بمستجدات القضية . ثم عرضوا علي صفقة
مالية مغرية ، وتقديم جميع الخدمات ، التي أحتاجها ،
سواءا البشرية أواللوجستيكية .. إلخ
طلبت منهم مهلة للتفكير ، فبعد تقاعدي بشكل غير رسمي
منذ سنين ، شيء واحد فقط يهمني ، هي عائلتي ،
لأن آخر مهمة لي قبل التقاعد كادت تودي بحياة أسرتي ،
بسبب تورطي مع عائلة زوجتي ، لتخليصها من نفوذهم
و منظمتهم ، وقتها كنت سفيرا في فرنسا ،
حين التقيت بإيلينا ، كانت مهمتها اغتيالي ،
لكن تغيرت الأمور رأسا على عقب ، لأننا وقعنا في الحب ،
فبعثوا رجالهم لقتلنا ، تخلصنا منهم بمساعدة أصدقاء
من الياكوزا اليابانية ، صنعت هويات جديدة لنا ،
ثم تزوجنا ، و اختفينا عن الأنظار ، و منذ ذلك الوقت ،
أحاول الابتعاد عن أسرتي ، لحمايتهم ، أزورهم
فقط عند الضرورة أو في الأعياد ... تابع
@ بقلمي/ إدريس جوهري . " روان بفرنسا "
05/04/21
Photo By / Noblesse ( manhwa )