01 يناير . 5 دقائق قراءة . 1139
الإنتقادات الموجهة لنظرية وليم جيمس بالخبرة الدينية
تعرض جيمس لانتقادات الدارسين حول فلسفته الدينية لا سميا فكرة إرادة الاعتقاد، وقوله إننا لا يمكننا أن نحيا ونعيش دون قدر من الغيمان والاعتقاد، وليس الاعتقاد من وجهة نظره إلّا فرضاً ناجحاً، فلماذا لا نلتجئ إلى إرادة الاعتقاد، باعتبارها عامل فعال من عوامل تحقيق ما نؤمن به وما نعتقده.
لذلك يرى (رسل) أن القول بالاعتقاد لا يقنع مؤمناً مخلصاً في إيمانه لأن المؤمن لا يطمئن إلا متى استراح إلى موضوع لعبادته وإيمانه. فالمؤمن لا يقول إنني إذا آمنت بالله سعدت ولكنه يقول إنني مؤمن بإلهي ومن أجل هذا فأنا سعيد! فالإيمان والاعتقاد بوجود الله في نظر المؤمن الصادق مستقل عما يحتمل أن يترتب على وجوده من نتائج وآثار.
فالاعتقاد حسب رأي (رسل) يعتمد أولاً وقبل كل شيء على وجود العقل فإذا لم يوجد عقل يستحيل وجود اعتقاد وثانياً لا تعتمد الاعتقادات على العقل بالنسبة لحقائق الأشياء إذ أن حقائق الأشياء مستقلة تماماً عن العقل.
يذكر جيمس في إرادة الاعتقاد بأن اعتقادك في وجود الله يبرر وجوده ويحققه، وأن لوجود الله في نفسك أثراً على سلوكك، أي سيخلق التفاؤل والخير وستحقق الأمن والسعادة، وبالتالي فإن جيمس يستدل على وجود الله مما أنتج من آثار التجربة الدينية هي التي تدلنا على وجود الله ونحن نسلم بهذه التجربة إذن لا يهتم جيمس بكون أن الله موجود وجوداً موضوعياً أولاً، كذلك لا يهتم أن يعرف هل أن هذا العالم من خلق الله أم المادة وغيرها من التساؤلات التي لا تهم جيمس بأي حال فإن كل ما يهمه هو الجانب العملي لأي اعتقاد أو إيمان فإذا كانت النتيجة إيجابية بهذا الإيمان والاعتقاد فهو فرض ناجح وصحيح لا بد أن نأخذ به.
وكما مر سابقاً فإن جيمس يرى بأن الإله ليس مفارق ولا إلهاً متحداً بالعالم، لأن الإله المفارق الكامل الثابت لا يدخل في علاقة مع الإنسان فذلك راجع لاعتقاده بأن هذه العلاقة تستلزم تغيراً في الإله والواقع أن الإله المتناهي ليس إلهاً بمعنى الكلمة، لأنه ليس العلة الأولى وما دام الله لا متناهي بالضرورة فيجب القول بأنه ليس له سوى فعل واحد يتضمن جميع المعقولات فلا يجري التغيير فيه بل في المخلوقات وبالتالي هو يرفض فكرة التدبير الكوني كونه يرى بأن الله متناهي في قدرته وأفعاله. وعليه فإن العالم ليس خاضعاً لسلطان الله بل يعتقد بأن في استطاعة الإنسان أن يحقق في هذا العالم كل شيء والنتيجة أنه ينكر خلود الله، لأنه يرى أن الله ذاته خاضع للزمن باعتباره حقيقة متناهية تخضع للزمن وأن أي إنسان يصرّ على أن العقل الخالق لا اعتبار عنده للزمان يعتبره مجرد خرافة وهذا القول يوصلنا إلى أنه يرفض فكرة الخلاص أي أن الله يخلّص الذات بعونه ورحمته بل أنه يرى بأن الإنسان يتخلص من خطاياه بما يقدم من عمل، فهو لا يرى معنى لفكرة الخلاص في عالم قد تم اكتمال كل أجزائه ولا معنى لخلاص العالم الذي أتى دفعة واحدة كشيء إلهي. للخلاص معنى إذا اعتقدنا أن العالم ناقص وأن الكمال تم على دفعات بالإضافات الجزئية، فإذا رغبت أنا وأنت وسائر الناس في الخلاص وحقق كل منا مثله أو بعضها فقد اكتمل النقص وأبتعد القلق والخوف ونتيجة هذا القول هو أن الله لا يستطيع أن يضمن لنا خيرية العالم وأن الإنسان يشارك الله في خلقه واكتماله وهذا يتنافى مع الوحدانية التي لله.
وقد اعتبر جيمس أن الذي يكوَّن صميم الدين هو الشعور الديني والعاطفة، ولكن من المعروف أن العاطفة متقلبة دائماً وبهذه الحالة فالإنسان يؤمن بحالة مزاجية ومن ثم يعود إلى الإلحاد عندما تتغير هذه الحالة وهذا لا يصلح في الإيمان لأنه يقوم على أسس عقائدية ثابتة.
كذلك نجد نظرية اللاشعور التي تحدث في التجربة الصوفية ليست كافية لتسويقها لأن اللاشعور نفسه لا يصبح واقعياً بالنسبة للشعور إلّا حين يدخل فيه، أي حين يلبس ثوب الصورة الشخصية والظاهرة الجوهرية فعل الإيمان الذي يجيء الشعور معد بالانفعالات الخاصة، فيعلن أن هذه الانفعالات حقيقية وأنها من عند الله. والتجربة الدينية لا يمكن أن تكون في نفسها مستقلة عن صاحبها وموضوعية ولكن الشخص يضفي عليها قيمة موضوعية بهذا الاعتقاد الذي يدخله عليها.
#سيكولوجيا_وليم_جيمس #وليم_جيمس #التجربة_الدينية # وجود_الله #الإيمان
01 يناير . 9 دقائق قراءة