09 يناير . 4 دقائق قراءة . 715
في مقابل الحماسة المرافقة لأخبار تقدم عمليات التطوير والتوزيع للقاحات كورونا على اختلاف مصادرها، تتعالى أصواتٌ مناهضةٌ لها ومشككةٌ بسلامتها ومصداقية نتائجها.
الجدير بالذكر أن الحملات المناهضة للتطعيم ليست وليدة العام الأخير، بل ظهرت نتيجةَ آثارٍ جانبيةْ خطيرةٍ ومقلقة سبق وأن سُجلت وتم ربطها باللقاحات التقليدية، لا بسبب مادتها الفعالة، بل بسبب مواد مساعدة من أملاح الزئبق والألومينيوم، تسببت بأذيات للجهاز العصبي بشكل خاص. هي إذاً حملاتٌ قائمة ومنظمة تسعى بشكل حثيث لتُمرّر لدى الجهات النافذة في بعض البلدان قوانين بغاية إلغاء إلزامية التطعيم للأطفال كشرطٍ لتسجيلهم في المدارس، حتى إن جزءاً لا بأس به من مؤيديها من الأهالي ذهبوا أبعد من ذلك إلى إخضاع أبنائهم لبرنامج تعليمي كامل في المنازل لتجنيبهم من التعرض المفروض عليهم لمواد غريبة عن أجسامهم وضارة بها.
إلا أن العالم شَهِد في الأشهر الماضية نداءاتٍ صُنِّفت في خانة نظرية المؤامرة، إذ لم يتوفر بعد ما يكفي من المعطيات لتأكيدها أو دحضها، تنطلق من حقيقة أن لقاحات كورونا قيدَ التطوير لا تُشبه أياً من اللقاحات التقليدية كلقاح الجُدَري أو الحصبة أو شلل الأطفال، كونها تقوم على مبدأ إدخال حمض نووي أو شيفرات وراثية غير بشرية، بل تعود للڤايروس، يسري الاعتقاد أنها قادرةٌ على تغيير جينات متلقيها بشكل جذري. أما احتواء اللقاحات على معادن ثقيلة سامة، فيُعتقَد أنه سيجعل من أجسام متلقّيها لواقط هوائية للأمواج الراديوية من الجيل الخامس، ما يُمَكِّن بالتالي من السيطرة عليها.
إقرأ أيضا :بحثاً عن لقاح كورونا الأمثل
وفيما يخص الأيادي السوداء التي تقف وراء هذه الخطة، فقد اتجهت أصابع الاتهام إلى مؤسسة بيل وميليندا غايتس التي استحصلت مطلع عام 2020 على براءة اختراع لنظامٍ قادرٍ على تجميع بيانات البشر الحيوية، من معدل التنفس وضربات القلب، أو النشاط الحيوي والأدوية التي يأخذها الفرد بشكل دوري أو طارئ، ثم تخزين هذه البيانات وربطها بنظام العملات الرقمية المرمزة، ما يحوّل البشر لعبيدٍ لهذا النظام العالمي، وهو من منظورهم نوعٌ من تسليع البشر ونهايةٌ للإرادة الحرة والخصوصية.
أما عن الوقائع المتوفرة، فبالفعل، ساهم بيل غايتس عبر مؤسسته بما يزيد على 350 مليون دولار أمريكي لـ "محاربة الوباء"، يشمل ذلك تمويله للقاح كلٍّ من آسترازينيكا وجونسون أند جونسون ونوڤاڤاكس. لا يُخفي غايتس في أيٍّ من تصريحاته أنهم يصبُون للوصول عاجلاً أم آجلاً إلى تطعيم البشر جميعهم دون استثناء، ويروِّج لرواية استحالة عودة الحياة لطبيعتها دون تلقي ما يربو على السبعة مليار إنسان هذا اللقاح، وأنَّ أي تقدم ٍمأمول في التوصل لعلاجٍ لكورونا لا يُرجى منه أكثر من خفض معدل الوفَيَات، أما اللقاح فـ "هو وحده" بحسب غايتس "ما سيمكِّنُ من السيطرة على الوباء".
بالمقابل، ورغم قناعته بالضرورة الحيوية للتعاون بين الدول في ظروفٍ كهذه للتصدي للوباء، يعترف غايتس بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعمد حالياً لحصر عمليات تصنيع اللقاح وتوزيعه بالإطار المحلي وحسْب، كونَها قد موّلت عمليات البحث والتطوير أكثر من أي بلد آخر. ورغم إقراره بأن أوائل اللقاحات ستكون بعيدةً عن المثالية لناحية الفعالية، ولن يُكتب لها البقاء قيد الاستعمال مدةً طويلة، إلا أنه لا ينكر أن استخدامها سيكون محصوراً بـ "البلدان الغنية".
إقرأ أيضا :أين أضحت فرنسا في سباق تطوير لقاحات كورونا؟
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل نحن بحاجةٍ فعلاً أن تتكبد أية جهة عناء البحث والتمويل لتجعل من البشر وأجسامهم سلعاً وعبيداً لنظامٍ عالمي، أيِّ نظامٍ عالمي، أكثر مما هم عليه اليوم؟! وهل من انتهاكٍ للبيانات والخصوصية والحيوات وسلبٍ للإرادة الحرة أكثر مما نشهده ونعيشه اليوم؟! إن كان الجواب نعم، فالخشية أن تعجز أيادٍ من هنا وهناك أن توقف وحدها هذا الطُّوفان الجارف، وأن تبقى الأصوات الرافضة دون مستوى السمع.
09 أبريل . 5 دقائق قراءة