التنمر..كيف نحصن صحة أولادنا النفسية؟

31 أكتوبر  .   5 دقائق قراءة  .    1616

 هل تعرضت يوماً ما للتنمر..؟ متأكدة من أن الإجابة ستكون “نعم“، ليس أنت وحدك، الكثير من الناس تعرضوا للتنمر، وقد يحدث هذا الأمر في أي مكان سواء كان في العائلة أو في مكان العمل أو في المدرسة او أي مكان آخر.

للتنمر أشكال وأنواع لا تعد ولا تحصى متفشية كالوباء في عالمنا المعاصر؛ بل وفي حياتنا اليومية، قد تتنوع أشكاله في مدى حدتها...  اذاً…

كيف تعرف أن ابنتك/  ابنك يتعرض للتنمر؟
معظم الاولاد لا يخبرون أهلهم بأنهم يتعرضون للتنمر، لذلك يجب على الاهل التواصل المستمر مع اولادهم والانتباه إلى أي تغير في تصرفاتهم . ففي حال تأكدتم من أن ابنتكم/ ابنكم يتعرض للتنمر ، فلا تستخفوا أبدا بالأمر؛ بل قوموا بمعالجته فورا ،فالتنمر يترك ندوبا و جروحا نفسية عميقة قد لا تلتئم لفترة زمنية طويلة....
بحسب تقارير و احصائيات صادرة عن منظمة اليونيسيف مفادها ان نصف التلاميذ على مستوى العالم في سن 13 إلى 15 عاما،يتعرضون إلى التنمر والعنف من داخل المدرسة مما يؤثر سلبا على تعليمهم، و ثقتهم بنفسهم كما يدمر قدرتهم على رؤية انفسهم بإيجابية فمن العلامات الواضحة التي يمكنك ملاحظتها على اولادك هي الانطواء على الذات و العزلة والانسحاب من الحياة الاجتماعية .
لذا يجب تدارك المشكلة فورا و البدء بمعالجتها لان هنالك احتمال كبير لحدوث مشاكل في الصحة النفسية مثل الاكتئاب، والقلق، فقدان الثقة بالنفس و احياناً حدوث حالات انتحارية .


اذا ، كيف تُساعد اولادك على التعامل مع المُتنمِر؟

اولاً، إهتمام الأهل والمتابعة و الحوار الدائم من أهم النقاط التي ستساعد ابنائكم ، فمن الضروري جدا التحدث بمنطق و تروي و طمأنة( الابنة / الابن) بأنه لا يوجد شيء سيء في شخصها/شخصه .فالشخص المتنمر هو الذي يشعر بالنقص تجاه ذاته اولا ولذلك يحاول أن يقلل من قيمة الاخرين و جعلهم يشعرون بشعور سيء تجاه أنفسهم. 

ثانياً، في حال تعرض اولادكم للتنمر في المدرسة ينبغي التواصل مع المعنيين وابلاغ أهل الشخص المتنمر لإيجاد حل للمشكلة و إيقافه عند حده. 

ثالثاً، تعليم اولادكم الثقة بالنفس وعدم السماح لأحد بالتشكيك في قدراتهم وإمكانياتهم،او تقييمهم بطريقة سلبية او الاستهزاء بهم او بمظهرهم ،فكل شخص فريد ومميّز، لذا علموا اولادكم ان يثقوا في انفسهم دائما وان لا يبحثوا عن التقدير من أي شخص حولهم،  فقيمة الشخص لا يتم ولن يتم تحديدها من قبل آراء لأناس اخرين سواء من قريب او من بعيد.

رابعاً، اذا كان الشخص الذي يتعرض للتنمر قادر على الدفاع عن نفسه و ردع المتنمر  و وقفه عند حده عن طريق محاولة التحدث معه بحزم و جدية و اشعاره بأن تنمره لا يجلب له إلا خسارة كل من حوله ، وبأنها تقلل من قيمته بين الناس و ان ذلك ليس سوى انعكاسا لتربايته و اخلاقه و بيئته .

خامساً: بعض النصائح المهمة التي تقدمها الاختصاصية النفسية شانتال خوري في هذا السياق الا وهي:
تقديم الدعم الكامل للولد الذي يتعرض للتنمر، فمن المهم أن تحفز ابنتك/ابنك وتشعره بالثقة في نفسه،و ان يقوم الاهل بالشرح لاولادهم كيف يرد الولد بحزم وقوة وثقة على من يحاول التنمر عليه، بوجه صارم دون خوف أو تردد، ويخبره بأنه لا يسمح بذلك. ومن الممكن تقديم نصائح حول توسيع العلاقات، على غرار  اختيار الأصدقاء الذين تجمعه بهم الاهتمامات والأنشطة نفسها، والتشجيع على خوض انشطة مختلفة في المدرسة.كما اوضحت الاختصاصية النفسية شانتال خوري؛ اهمية اهتمام الاهل بتنمية مهارات التواصل لدى الاولاد، حتى يستطيعوا التفاعل مع الآخرين، ويتمكنوا من تكوين صداقات قوية، وعلاقات جيدة مع أقرانهم.
كما شددت على حق الولد الذي يتعرض للتنمر الاعتراض على أي تصرف لا يقبله من الآخرين، وتشجعيه على التعبير عن مشاعره دائماً حتى لا يدخل في حالة العصبية الزائدة و عدم الرغبة بالذهاب الى المدرسة، و في بعض الحالات قد يقدم على التمارض و ذلك للهروب من اجواء المدرسة نتيجة تعرضه للتنمر.

و اخيرا و ليس آخرا، قبل أن يفكر اي شخص في التنمر على غيره ،اتمنى ان يقف أمام المرآة و يوجه إلى ذاته نفس الكلمات الجارحة او الالقاب المهينة التي يريد توجيهها إلى الآخرين،، فلربما شعر بالأذى النفسي الذي قد يتسبب فيه لغيره.

"فأنت يمكنك أن توجه لأحدهم كلمة قاسية على سبيل "المزاح"، ويتلقاها الشخص الآخر بمنتهى القسوة لدرجة تجعله مشوها نفسياً، من دون أن تشعر أنت."

اذا ، متى سنصبح إنسانيين واعيين ونهتم بمشاعر الاخرين ؟
متى سنزرع ثقافة التعبير عن الجمال والمحبة في بيوتنا؟ 
متى سنضع أنفسنا و أقوالنا وتصرفاتنا تحت مجهر الرصد،فمالا ترضاه على نفسك لا تفعله او تقوله للاخرين؟؟؟
متى سنزرع ثقافة الكلمة الطيبة في نفوس اولادنا منذ الصغر لتصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافتهم فتنعكس إيجابياً على مجمل علاقاتهم الاجتماعية لاحقاً... 
متى سنكون لطيفين مع بعضنا، و نستخدم كلمات راقية ، رقيقة التي فيها شفاء للنفوس وفرحة للجميع. 
كلمة واحدة بإمكانها أن تبني الحياة في داخلك أو تهدمها
فليتخذ اذا كل واحد منا موقفا حاسما في محاربة كافة أنواع التنمر، فنحن و دون أدنى شك مشاركون في تغذية هذا الوباء وانتشاره،اذا لم نقف و نتصدى له .
بقلم ابتسام عطالله الرمحين

  7
  6
 1
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
باسل أسعد
01 نوفمبر
شكرا ابتسام على المقال المفيد :)، اشتقنا لقراءة منشوراتك
  1
  1
 2