05 ديسمبر . 3 دقائق قراءة . 918
تتصاعد الأبخرة من فنجان القهوة الساخنة، فيما تسطع الشمس من النافذة خلفي، فيكاد وهج نورها يعيق قدرتي على القراءة من شاشة الهاتف المحمول.
اسميها جلسة "السوشيال ميديا"، فغالباً ما أتصفح وسائل التواصل مع قهوة الصباح اللذيذة خاصة في أيام العطلة الأسبوعية، كوني لا أملك ترف ذلك دائماً خلال أيام الأسبوع العادية.
وكعادة صفحات التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها المتنوعة تنضح بكوكبة ضخمة من صنوف الأخبار والمعلومات والفنون .. لكني وبينما أتنقل بينها في تؤدة، قرأت تغريدة لست أعرف هدف ناشرها إن كان بقصد المزاح والتسلية، أو أنه يستجدي عمقاً معيناً و رصانة وجدية في الرد .. بيد أنها استوقفتني وحرضت تفكيري ..
بكل بساطة .. تغريدة من سطر واحد تقول :" لو شاهدت نفسك في الطريق .. ماذا تفعل أو ماذا تقول لها؟!".
لا أخفيكم سراً .. منذ قرأت تلك التغريدة، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لا زلت حائراً ولم أتوصل لإجابة !!.
أو ربما ،لأكون أكثر صدقاً وموضوعية، فإن إجابات عديدة تلمع في ذهني بين الحين والآخر .. وأظن أن معظمكم مثلي .. سبب ذلك في الغالب تعكسه حالتنا النفسية وقتها ..! .. وموقفنا من أنفسنا في تلك اللحظة.
فلو كنت راضياً عن نفسك وبحالة مزاجية جيدة، فحتماً حوارك مع ذاتك سوف يتخذ طابعاً أكثر حميمية وستجد الكثير من العبارات التشجيعية والكلمات العذبة، وأما لو كان نهارك سيئاً فستتغير اللهجة وتميل إلى العدائية أو حتى إلى الحيادية الباردة، ومن الوارد جداً أن تنصح نفسك بتغيير سلوكياتها وتعاملاتها مع الآخرين وردود أفعالها.
ولن نختلف كثيراً في مسألة الرضا عن الذات، أغلبنا غير راض عن ذاته تماماً _ بصرف النظر عن الحالة المزاجية العامة _ وأتخيل معظمنا سيتخذ صفة الموجه الناصح، على عكس قلة قليلة تتقبل نفسها كما هي دون تحفظات.
وكم أتمنى أن أجد من قد يفكر _ كما فعلت أنا _ في احتضان ذاته والطبطبة عليها .. فلن تجد أحن من نفسك على نفسك ولا أدفأ من حضنك لحضنك، ولا عقلاً أكثر تفهماً لعقلك.
وأظن من الأجدى أن يعقد كلانا (أنا و أنا الآخر) جلسة مصارحة، نتبادل فيها الأسرار، ونميط اللثام عن جوانب خفية بقيت طي الكتمان في أدراج القلب والعقل لأنها لم تجد الثقة الكافية في الآخر لتحرر نفسها ، بينما أنا ونسختي الأخرى سنكون بئر أسرار بعضنا البعض.
ولا عجب أنك ستلاحظ، عزيزي القارئ، كثرة استخدامي لأفعال الظن والتخيل في السطور السابقة، فالحديث جله تكهنات مفتوحة على شتى الاحتمالات، إنما الشيء المؤكد أني سأستغل معرفة نفسي بنفسي لأقدم لها كل ما تحب وتشتهي في حدود إمكانياتي المادية والنفسية.
وسأشجع نفسي أن تكون أكثر جرأة وشجاعة، وأن تتبع إحساسها الذي لطالما كان صادقاً.
ومن فنجان القهوة الصباحية الذي كان نقطة انطلاقة هذه السطور، إلى سريري الدافئ والعتمة الهادئة المحيطة به حيث أنهي ما بدأت. أطوي صفحة يوم مضى تعلمت منه ما تعلمت، وسوف تضاف خبراته إلى كل ما سأقدمه إلى نفسي حالما أراها مصادفة في الطريق.
16 نوفمبر . 2 دقيقة قراءة
23 ديسمبر . 7 دقائق قراءة