06 فبراير . 2 دقيقة قراءة . 1473
أجل، أعيش على هامش الحياة وقارعة الطريق... كلا، لا أتجاهل نظرات المارّة، نظرات شفقة أو خوف أو "يا لسخرية القدر"... ولكن لا أبالي إلا بزجاجة الخمرة التي تتأبط يدي... أجل، هي وحدها من يملأ محيطي التعيس بالنجوم واللآلئ، أما هؤلاء التعساء بوجوه شاحبة أم ضاحكة، فسحقا لهم جميعًا... تفرغ الزجاجة وترنّ في أذني آخر نقطة صارخة: المزيد يا تعيس... وأنا أتقبّل منها الإساءة...
أمضي ليالٍ أترنّح فيها بين الرصيف والآخر وأنام حيث يحلو لي أو حيث أسقط أرضًا لشدّة السكر... أمّا صباحاتي فكلها متشابهة وكذلك وجباتي من مركز المعونات، لا شيء يختلف إلاّ تأمّلاتي... لا أستحمّ إلا بأمطار السماء وبشرتي سمراء لكثرة عناقي للشمس... أجل، رائحة فمي كريهة ولكنني لا أتكلّم... أمّا الناس فأفواههم نظيفة وكلماتهم وأعمالهم كريهة... أكفيهم شرّي ولا يكفون شرّهم عنّي وعن غيري... أتلوّى من الألم فأصرخ، والصراخ يمزّق أضلعي... تشفق عليّ أنت أيضًا، يا من يقرأ كلماتي...؟ أم حقّي أنا الشفقة عليك؟
أنا حرُّ على الرغْم من كلّ عذاباتي... أما أنت فمكبّلٌ بغلال المادة وتنام بين أربعة حيطان هي نفسها يوميًّا...
تحب المرأة أو الرجل نفسه...
تعمل في المكان نفسه...
تجري بسرعة تفوق قدراتك من أجل اللحاق بروتين الحياة اليومية؟
فقل لي... بالله عليك...
متى جلست آخر مرة لتتأمّل وجه القمر أو ألوان السماء؟
متى أيها "الحُرّ" عانقت اللاشيء لدقائق معدودة فقط؟
متى سكن فكرك وهدأت مشاعرك آخر مرّة؟
متى لاحظت أنّك نكرة وأنّك نقطة صغيرة في هذا الكون؟
قد تكون حريتي بائسة ولكنها تبقى حرية، وأنت لا تجرؤ حتى على البوح بالحرف الأول من كلمة "حرية"....
قد يكون عجزي واضح أما قوّتك فمزيّفة...
فسحقًا لمجتمع هو رمز التفرقة الجائرة، ولمجتمع بائس خانع بمن فيه...
المزيد يا تعيس...
المزيد يا تعيس...
07 فبراير . 2 دقيقة قراءة
17 فبراير . 7 دقائق قراءة