04 يوليو . 4 دقائق قراءة . 811
مر أسبوعين منذ خروحي من المصحة النفسية ،
كنت أعاني من إكتئاب حاد ، بسبب انفصالي عن زوجتي ،
لأني عقيم لا أستطيع إنجاب الأطفال ، كان زواجا عن حب ،
دام عشر سنوات ، اكتملت قصة حياتي معها بدون أطفال .
ذهبت إلى الصيدلية ، لشراء الأدوية من مضاد الإكتئاب ،
و المهدئات ، إنها تشبه المخدرات ، تجعلني ثقيل الحركة ،
ضعيف التركيز ، و كثير النوم ، دائما أحس بالتعب ،
و الخمول ، تأتيني خادمة لتنظيف و ترتيب البيت ،
مرتين في الأسبوع ، و بما أني أصبحت عاجزا عن القيام
بكثير من الأعمال لوحدي ، أرسلوا لي مساعد يعينني في حياتي ،
كلما احتجت لشيء ، كقضاء وقت خارج البيت أو التسوق ،
أو إجراءات إدارية ، و غير ذلك ...
وضعت كرسي في الشرفة المطلة على البحر ، أشرب القهوه ،
و أستمتع بمنظر الأمواج المتلاطمة ، و طيور النورس تحلق
في الفضاء ، عقلي يطير معها حاملا همومي ، أفكاري السوداوية ، اضطراباتي النفسية ، أحزاني كلها ، فيلقي بها في دوامة النسيان ،
كنت وحيدا البارحة ، و اليوم صرت كذلك ، فقدت طعم الحياة ،
لا أمان للدنيا ، لا تستقر على حال ، من كان يقول أننا سنفترق
يوما ما أنا و " تتيانا " لكن ما لم يكن في الحسبان وقعت فيه ،
وها أنذا أعزل بدون عائلة ولا حبيب ، يشاركني حياتي ...
في بعض المرات ، تزورني جارتي " جاكلين " فهي على علم
بحالتي الصحية ، تحضر لي بعض الأكلات الدسمة و تبقى معي تؤنسني ، نتفرج في الأفلام الرومنسية و الكوميدية ،
و مسلسلنا المكسيكي المفضل " أنت أو لا أحد " نسترجع
من خلاله ذكريات ماضينا الجميل ، مع عشاقنا و بعض المرات
آخذ سنارتي ، و أذهب إلى النهر لاصطياد السمك ،
ثم آخذ ماصطدته لجارتي للعشاء ...
أما يوم الأحد فهو أحسن أيامي ، أخصصه لزيارة الأيتام في الملجأ ، أستيقظ في الصباح الباكر ، أتصل " بدانيال " مساعدي الخاص ليرافقني في مشواري ، أستقل طاكسي ، و يشتري لي جميع
الأغراض التي يحتاجها الأطفال ، من الخضر و الفواكه و اللحوم
من كل الأصناف ، حتى الحلويات و اللعب ، و لائحة الطلبات
التي كتبوا لي آخر مرة من أدوات و مجلات ، كل واحد أخصص له طلبه في علبة بإسمه ، بعد انتهاءنا من التسوق نذهب إلى الميتم ، كعادتهم ينتظرونني عند الباب ، فور وصولي و نزولي من السيارة ، يسرعون جريا نحوي ، ينادونني .. " بابا عمر " .. " بابا عمر " ..
و يقفزون حولي كالكتاكيت الصغار ، يعانقونني بحب و شغف كلهم ، حفظت جميع أسمائهم و طباعهم ، كأنهم أبنائي الذين لم أستطع إنجابهم بسبب عقمي ، أقربهم مني ، هم " فيونا " و " أندري "
و " جاك " و " ميلاني " ، و " سمير " و " صوفيا " و كذلك
" بياتريس " و " فيصل " ، و التوأمتين " ياسمين " و " كاميليا " ،
لقد وجدت معهم طعم السعادة الذي افتقدته ، و أكثر من ذلك
فهم يعطونني الحب و الحنان ، و الأمل في الحياة ،
أرى فيهم حاضري و مستقبلي ، يومي و غدي ،
اكتشفت معهم نفسي أكثر ،
و أخيرا ذقت حلاوة الأبوة معهم ،
حتى و إن لم يكونوا من صلبي ،
فنحن صرنا عائلة واحدة متماسكة ،
يجمعها الحب الإنساني ، الذي لا يعرف
لونا ولا جنسا ولا دينا ...❣❣
@ بقلمي / إدريس جوهري . " روان بفرنسا "
04/07/21 Jouhari-Driss
Wiki Drama & "Many seek happiness in
what is higher than man, and others
in what is lower than him. But happiness
is as tall as a person.”Confucius
كثيرون يبحثون عن السعادة فيما هو أعلى
من الإنسان، وآخرون فيما هو أوطى منه.
لكن السعادة بطول قامة الإنسان". كونفوشيوس