31 يوليو . 7 دقائق قراءة . 2759
الكاتب :عبدالوهاب عيساوي
جلسة الراويات :٢-٤-٢٠٢٠
عدد الصفحات : 388
الطبعة:2019
دار النشر: دار ميم للنشر في الجزائر
لمحة عامة عن الرواية:
قدم لنا عبد الوهاب عيساوي رواية أدبية تاريخية تبحر في أعماق الوجود الجزائري من خلال خمس شخصيات تتشابك في فضاء زمني ما بين 1815 إلى 1833 وهي مرحلة حساسة ومفصلية في تاريخ الجزائر بسلبياتها وإيجابياتها، أما المكان فيمتد من الجزائر إلى باريس، مروراً ببعض المدن والموانئ الفرنسية والأسبانية، وينتهي بإسطنبول..
الرواية مقسمة إلى خمس أقسام كل قسم له خمسة عناوين بأسماء الشخصيات الخمسة في الرواية. يتم السرد بالتناوب وبنفس الترتيب في كل قسم معطياً صورة خماسية الأبعاد للفضاء الجزائري والحكم العثماني والغزو الفرنسي وما ترتب عليه من آثار إنسانية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
يستعرض الكاتب الرواية بأسلوب سلس ولغة أدبية سهلة من خلال نص سردي بارع التفاصيل ومتقن البناء يجمع بين الوقائع التاريخية والمادة التخيلية وهو صنف روائي يستوحي موضوعاته من التاريخ .
تبدأ الرواية مع الصحفي الفرنسي ديبون في مرسيليا 1933 بقصة مروعة وهي حادثة نبش القبور للمتاجرة بعظام الجزائريين لتصنيع السكر وتبيضه في فترة الاحتلال الفرنسي والذي استمر لأكثر مائة وثلاثين عام.
وتشير الرواية كذلك إلى قصة المروحة التي رمى بها الباشا حسينُ العثمانيّ القنصلَ الفرنسي خلال فترة الحكم العثماني والتي نراها على غلاف الرواية في بلاط فخم يجتمع فيه سادة الشرق والغرب، ويستخدم الفرنسيون هذه الحادثة كمبرر لغزو واحتلال الجزائر.
اختار الكاتب عنوان الرواية ليكون ديوان لمدينة يونانية قديمة "إسبرطا" والتي تقع علي جانب نهر بوروتاس في اليونان القديمة وهي مدينة سياسية وتجارية مهمة للكيان اليوناني، وهنا نري الرمزية في الرواية بين إسبرطا ومدينة (المحروسة) في الجزائر والتي كانت تراها شخصية كافيار على أنها إسبرطا الأفريقية.
عن الكاتب:
عبد الوهاب عيساوي كاتب وروائي جزائري من مواليد 1985 في حاسي بحبح في الجزائر تخرج من جامعة زيّان عاشور، ولاية الجلفة، مهندس دولة الكتروميكانيك ،وشارك في العديد من الفعاليات الثقافية الوطنية والعربية وفاز بعدة جوائز محلية وعربية .وهو أول جزائري يفوز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية عام . 2020
النتاج الروائي:
سينما جاكوب 2013
سييرا دي مويرتي 2015
الديوان الإسبرطي2019
النتاجات الأخرى و الجوائز :
مجاز السرو (مجموعة قصصية) 2016
نُوّه بمجموعته القصصية (حقول الصفصاف) في جائزة الشارقة للإبداع العربي لعام 2013
جائزة آسيا جبار للرواية عام 2015 عن رواية - سييرا دي مويرتي
جائزة كتارا للرواية العربية، الدورة الثالثة فئة الروايات غير المنشورة عن رواية – سفرأعمال المنسيين
الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2020، في دورتها الثالثة عشر- . – الديوان الإسبرطي
قراءات الراويات:
"ديوان الاسبرطي" نبض تاريخي فكري وروائي سردي للجزائر " المحروسة" وحالها خلال فترة الحكم العثماني وكيف سلموها إلى الفرنسيين بعد أن طمسوا معالم الحضارة العربية فيها وتركو شعبها وأرضها لانتهاكات الإستعمار الفرنسي وما صاحبه من هدم للبيوت وقتل للأرواح والاستهتار بأجساد البشر حتى بعد دفنها.
تروي هذه الأحداث خمسة شخصيات فرنسية وجزائرية تستعرض نهج الأتراك والفرنسيون في استعمارهم للجزائر، والقسوة التي عاشها الشعب الجزائري والدمار والخراب الذي حل بالمحروسة حتى عرفت فيما بعد ببلد المليون شهيد.
الشخصيات:
هناك خمس شخصيات رئيسية في الرواية كما تنطوي الرواية على أكثر من 30 شخصية ثانوية، تؤدي أدوارها المؤازرة للشخصيات المحورية.
ابن ميار وحمة السلاوي ودوجة:
ثلاث شخصيات جزائرية تتباين من الوجود العثماني في الجزائر، وفي طريقة التعامل مع الفرنسيين.
ابن ميار هو كاتب الديوان الذي يدوِّن فيه شكاوى المواطنين، ويرفعها إلى المسؤولين في عهد العثمانيين وبعدها للفرنسيين. على الرغم من مولاته للأتراك، إلى انه يرى الجزائر لن تكون إلا لأهلها. يميل ابن ميار وهو أحد الأعيان إلى السياسة كوسيلة لبناء العلاقات مع بني عثمان، وحتى الفرنسيين، بينما حمّة السّلّاوي وهو من وسط شعبي متمرد وثائر يغار على وطنه ويرفض تواجد أي أجنبي فيها، له وجهة نظر أخرى، في أن الثورة هي الوسيلة الوحيدة للتغيير للوصول إلى الحرية. عندما يتكلم حمة عن المحروسة نشعر معه بالحرقة والألم وكأنما يصف أوجاع وهموم الجزائريين. أما الشخصية النسوية الوحيدة في الرواية فهي دوجة، الفتاة الجميلة التي تعاني الأمرين بسب فقد عائلتها، حالها البائس هو حال المحروسة المغتصبة. ليس لها دور فعال في أحداث الرواية ألا أنها هي الشاهد على كل مسارح الدمار والآلام والعبث الذي حل بالمحروسة عبر السنوات معلقة ومرغمة على تقبل كل ما حدث لها، بدءًا من رحيلها عن الريف بسبب الوباء، وفرارها من مزرعة القنصل بعد موت والدها، إلى غاية إرغامها على الحياة في مبغى، ثم تعيش انتظارا للسلاوي في بيت ابن ميار
ديبون وكفيار:
شخصيتان فرنسيتان تتباينان مواقفهما في الحملة الفرنسية. ديبون الذي جاء في ركاب الحملة على الجزائر كمراسل صحفي، ثم رحل عنها وعاد مرة أخرى إليها بسبب حادثة العظام. كافيار الذي كان جنديا في جيش نابليون، بعد هزيمة واترلو يدخل الجزائر أسيراً، ويعود إليها من جديد لكي يضع القيود في أرجل الأتراك والمُور. يمثل كفيار القوة الفرنسية المتعصبة والحاقدة على الأتراك والجزائريين معاً ومن خلال السرد يستعرض تفاصيل الوضع المحلي للمحروسة، مثل الحديث عن القيود التي وضعت على يهود الجزائر، أو وصف المعالم الخارجية للقبائل، أو الحديث عن بوتان، الجاسوس الذي أرسله نابليون لكي يكتب تقاريره السرية عن الجزائر، ويرسم خرائطها التي تُعينه في أثناء الحملة العسكرية.
من خلال جلسة الراويات:
كان هناك اعجاب عام بقيمة النص الأدبي والتاريخي واشادة بأسلوب الكاتب المميز في السرد وادراج الوقائع والخوض في تفاصيل الأحداث والتجسيد الحي للجوانب الفكرية والنفسية للشخصيات والتي جاءت متباينة ومتشابكة في إطار روائي محكم وسلسل.
كذلك كان هناك اتفاق بأهمية المرحلة التاريخية التي اختارها الكاتب والتي قد يجهلها الكثير. لطالما كان ذكرى الجزائري مرتبطة ببلد المليون شهيد ولكن هذه الرواية اعطتنا تصور كامل للوضع السياسي والاجتماعي والديني السابق للجزائر تحت الحكم العثماني وبداية الاستعمار الفرنسي.
اجمعن الراويات على نجاح الكاتب في إحياء التاريخ، واستنطاق قصصه التي ظلت مركونة لأكثر من قرنين والتي من أبرزها حادثة العظام وهي الحادثة التي ذكرت في بداية الرواية و مازالت عظام الحيوانات تدخل في عملية تصنيع السكر حتى هذا اليوم. ولقد كانت هذه القصة من أهم عناصر التشويق في الرواية إلا أن البعض رأي أن الإيقاع السردي المتباطئ كان سبب في تسرب الملل وعدم ربط الأحداث في بعض الآحيان.
ناقشن الراويات الأثر النفسي والاجتماعي على أجيال ما بعد الاستعمار وما هو أثر ذلك على آمال وآلام الشباب اليوم وهل هناك تصالح مع فكرة الكولونيالية عبر التاريخ.
بقلم: شذا القعود
تحرير ومراجعة: داليا أبو العطا، سهام جبريل، شذى عاصم شلق