20 أغسطس . 10 دقائق قراءة . 838
يتمتع كل شخص في هذه الحياة بشخصية مختلفة عن غيره من الأشخاص؛ فهناك الخجول والانطوائي والمنفتح والاجتماعي والبخيل والكريم والذكي والغبي، وما إلى ذلك...إلا أن هنالك سمات كبرى يمكن أن تلخّص مجموع السمات الإنسانية كافة، ويمكن أن تجتمع في الشخصيات كافة. هذه السمات هي التي تحدد نوع الشخصية لأي شخص كان، وهي التي تقيس مدى إيجابيتها وسلبيتها ومدى قبولها من الآخَرين. فما هي هذه السمات؟ وكيف تعمل؟
يتم التحقق من صحة نموذج السمات الشخصية الخمس الكبرى علميًّا، ويُستخدَم على نطاق واسع من قبَل علماء نفس الشخصية. هذه السمات الخمس الكبرى تصف أنماط الأفكار والمشاعر والسلوكيات المتسقة لدى الناس.
اقرأ أيضاً في مرداد
لتقوية شخصيّتك، لا تغيّر تصرّفاتك مع غيرك
جميع السمات الخمس موجودة في طيف معين، وبينما قد ترتبط مستوياتها المرتفعة أو المنخفضة بنتائج معينة؛ فهي قد لا تعني أنها "جيدة" أو "سيئة" بالمطلق.
بعد التوصل إلى أن العديد من الاختبارات ليست موثوقة وغير صالحة في الواقع؛ قد تتساءل عما إذا كانت هناك طريقة دقيقة لقياس الشخصية. لدى القارئ، الجواب نعم! سأقوم بتوجيهك إلى الأماكن التي يمكنك فيها اكتشاف ملف سماتك الشخصية.
يستخدم معظم علماء نفس الشخصية الاختبارات التي تقيس سمات الشخصية "الخمس الكبرى"، وهي
تمثل هذه السمات الخمس خمس فئات من الخصائص الفردية التي تجتمع في الأشخاص جميعهم.ربما تكون على دراية بمصطلح "الانبساط" ، وهو على عكس "الانطوائية"، أو مصطلح آخَر دخَلَ مؤخرًا في اللغة الشائعة: "غامض". عندما يفكر الكثير من الناس في الانبساطية؛ فإنهم يميلون إلى عدِّها فقط على أنها مستوًى واحد من التواصل الاجتماعي.
والحقيقة أن التواصل الاجتماعي ليس جزءًا واحدًا فقط من الانبساط، ولكنه في الواقع يتّسع ليشمل أكثر من ذلك بكثير:
يشير "التوافق" إلى ميل الشخص إلى الثقة والطيبة والتعاون والتعاطف والتواضع والكرم. هؤلاء الأشخاص واعون ومثابرون ويعملون بجدّ ومنضبطون على أنفسهم ومسؤولون ومنظَّمون. إنهم الأفراد المستقرّون عاطفيًّا ولديهم مستويات منخفضة من القلق والاكتئاب والعدائية، ولا يقلقون إلا قليلًا، وليسوا مزاجيين أو خجولين.أخيرًا، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح على التجربة قابِلون للاستمتاع بتجارب جديدة، ولديهم مجموعة متنوعة من الاهتمامات، هم فضوليّون ومغامِرون ومفكّرون وخياليون.
تشرح نظرية العوامل الخمسة ونظرية الاستثمار الاجتماعي العمليات المعقدة التي تتفاعل بها جيناتنا، وخبراتنا مع الآخرين، والاستثمار في العلاقات والمؤسسات والبيئات والثقافات والأحداث المباشرة والتأملات الذاتية، لتشكيل مزيجنا الفريد من هذه السمات الخمس.
تصف هذه السمات أنماطك المتّسقة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات بشكل عام، ربما لاحظت أحيانًا أنك تبدو مختلفًا بعض الشيء في مواقف مختلفة أو مع أشخاص مختلفين؛ هذا لأن بعض المواقف تتطلب منا التصرف بطرق تتعارض مع ميولنا الطبيعية. على سبيل المثال
عندما أخبر طلابي أنني أعدُّ نفسي شخصًا منطويًا إلى حدٍّ ما؛ فإنهم يميلون إلى الشعور بالصدمة؛ لذا، في الفصل، أحاول أن أبدو لهم شخصًا اجتماعيًّا وحيويًّا ومتحمِّسًا.أستطيع أن أقول لهم: "أنا لست منبسطةً، لكنني أحاول أن أكون كذلك".
حقًّا أنا متحمسة جدًا للتحدث إلى طلابي عن علم النفس، ولكن إذا كان لدي حرّية الاختيار؛ فقد أفعل ذلك بطريقة أقل استنفادًا للطاقة؛ إذْ يجب عليَّ حشد الكثير من الموارد لأكون اجتماعيًّا بالقدْر الذي يحتاجونه من أجل التواصل معهم.
اقرأ أيضاً في مرداد
العلاج بالكتابة للمساهمة في تحسين صحتك النفسية
طعم الحياة الحقيقي هو ما تخسره عندما لا تهتمّ بتطوير ذاتك، فما هو تطوير الذات؟
يتم قياس هذه السمات الخمس بشكل منفصل، كل واحدة حِدة، ولكن على سلسلة متصلة من الأدنى إلى الأعلى، ومن الممكن أن تكون درجاتك في كل سمة في الأسفل أو الأعلى أو في أي مكان ما بينهما. في الواقع، إذا تحدّثنا من الناحية الإحصائية، ربما تكون في مكان ما في الوسط. يتم توزيع السمات الخمس الكبرى بشكل طبيعي وعادل إلى حد ما على السكان، لذلك يميل معظم الناس إلى الوقوع أو المكوث في مكان ما بين النقيضين. على سبيل المثال، يستخدم بعض الناس مصطلح "أمبيفيرت" (ambivert) لوصف شخص غير منطوٍ تمامًا ولا منفتحٍ للغاية. إن ما يُسمّى بـ ambivert هو مجرد شخص، شأنه شأن كثير من الناس، لديه مستوًى معتدل من الانبساط.بالإضافة إلى السمات الرئيسية، فإن الكثير من الاستبيانات الخمسة الكبرى تقيس كل سمة من جوانبها أيضًا، أو تقيس المكونات الفرعية للسمات الخمس الكبرى.
على سبيل المثال، قد يمنحك المقياس الذي يقيس الانبساط على مستوى الوجوه درجة في مكونات الانبساط، وهي التواصل الاجتماعي والتأكيد والنشاط والبهجة والبحث عن الإثارة؛ وهذا ما يسمح بقياس أكثر تخصيصًا ودقّةً.قد يساعدك ذلك أيضًا على فهم سبب حصولك على مستويات معتدلة من السمات. إذا كنت منفتحًا بشكل معتدل؛ فقد يعود ذلك إلى أنك في مكان ما في المنتصف في كل جانب من جوانب السمات؛ ومع ذلك، قدْ يعني أنك في مستوى عالٍ في بعض الجوانب ومنخفض في جوانب أخرى، لكن المعدّل عبرها يكون متوسطًا. على سبيل المثال، أنا في الجانب السفلي المعتدل من الانبساط؛ هذا لأنني أميل إلى التحفظ إلى حدٍّ ما ولديَّ مستويات منخفضة من الطاقة والنشاط، لكنني حازمة للغاية ومبتهجة. وكذلك، عندما يتعلق الأمر بالضمير، فإنني أسجّل الدرجة الأعلى من المتوسط لأنني متحكمة في ذاتي تمامًا، ومسؤولة، ومنتِجة، لكنني أتوسل إليك ألا تأتي إلى منزلي أو مكتبي؛ فربّما قد يؤدي افتقاري إلى النظام إلى تحطيم أيّة نظرة وهميّة قد كوّنتَها عني بشأن ضميري العالي.ولكن لمجرد أنني أملك وعيًا عاليًا نسبيًّا؛ فهذا لا يعني أنني سأحرز بالضرورة درجة عالية في أيّةٍ من السمات الأخرى؛ ذلك لأنها مستقلة عن بعضها البعض؛
ما يعني أن درجاتك في إحدى السمات لا تؤثر على مستواك في سمة أخرى؛ فأن تكون متحفِّظًا (انخفاض الانبساط) لا يعني أنه يجب عليك أيضًا أن تكون واعيًا بذاتك (استقرار عاطفي منخفض)،
على الرغم من أنه من الممكن أن نصادف أشخاصًا كذلك. أيضًا، فإن كونك مُنجِزًا ومنضبطًا ذاتيًا (ضمير عالٍ) لا يعني افتراضيًّا أنك فضوليٌّ (انفتاح كبير على التجربة)، على الرغم من أنك قد تكون كذلك.ببساطة، تهدف درجتك في كل سمة إلى وصف هذا الجانب من شخصيتك، وليس بالضرورة أن يكون الارتفاع يساوي الجيد، والانخفاض يساوي السّيّء. على المستوى الفردي، من الممكن أن تحصل على بعض النتائج غير الممتعة: بعض الناس يتّسِمون بالعزلة، والكسل، والعصبية، والنّوبات محدودة الأفق.
ومع ذلك، قد تجد أن الثقافات المختلفة أو حتى الثقافات الفرعية تميل إلى تقدير أو مكافأة مستويات معينة من هذه السمات على غيرها. أظهرت الأبحاث أننا نميل إلى حب الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانفتاح على التجربة أكثر بكثير من الأشخاص الذين لديهم درجة منخفضة منها، وينطبق الشيء نفسه إلى حدٍّ ما على الضمير والموافقة. على الرغم من عدم وجود اختلافات كبيرة في مدى إعجابنا بالناس على طرفي نقيض من طيف الانبساط، استعرض كتاب شائع مؤخرًا الطرق التي يبدو أن الثقافة الأمريكية تلبي بها احتياجات الأشخاص ذوي الانبساط العالي.في الختام، لا يجب عليك أن تكيّف شخصيتك مع ما يحبه المجتمع أو ما يكرهه، أو أن ترهق نفسك بحساب معايير ومقاييس مرتفعة أو منخفضة... بل عليك أن تكون كما تحب أنت أن تكون، أن تعمل على بناء شخصيتك وتجعلها أكثر انفتاحًا وانبِساطًا، لأن ذلك يمنحك الراحة مع نفسك ويزيد من ثقتك، لا لأن المجتمع يحب الأشخاص المنفتحين والمنبسطين. اجعل من نفسك نسخة عنك أنت فقط، ولا تكن نسخة عن الآخَرين؛ حينها فقط، ستحصل على التقدير الذاتي والمجتمعي في آنٍ واحدٍ.
تُظهِر الدراسات في علم النفس أن قياس الشخصيات يتم بالاعتماد على خمس سمات أساسية كبرى، مشتركة بين الناس جميعًا، وهي: الانبساطية، والتوافق، والضمير، والاستقرار العاطفي، والانفتاح على التجربة. هذه السمات هي التي توجّه سلوكياتنا ومشاعرنا، إنها مستقلّة عن بعضها البعض، وتعمل كل واحدة منها على حِدةٍ؛ ولذلك فهي لا تؤثر على بعضها، وقد تختلف درجاتها من الارتفاع إلى الانخفاض، من شخص إلى آخَر. وتجدر الإشارة إلى أن الارتفاع في سمة ما قد لا يعني الجيّد، وكذلك الانخفاض قد لا يعني السّيّء؛ ذلك أن سمات معينة قد تكون مُحبَّذة في مجتمع ما، وغير مُستحسَنة في مجتمع آخَر، وذلك عائد إلى طبيعة المجتمعات واختلافاتها. ولكنَّ الدّراسات أشارت إلى أن معظم المجتمعات تفضّل الأشخاص المنفتحين على التجربة، والذين يملكون درجة عالية من الضمير والتوافقية.
جينيفر فايارد، دكتوراه، هي أستاذة مشارِكة في علم النفس في جامعة Ouachita Baptist. تدرس تصور الشخص والعلاقة بين سمات الشخصية والخبرة العاطفية.هل تريد تجريب الفحص بنفسك؟
http://www.personalitylab.org/tests/bfi2_self_pol.htm
إذا كنت تجيد الإنكليزية فهذا الرابط سيأخذك إليه
ترجمة صفاء الشيخ لفريق مرداد