01 ديسمبر . 10 دقائق قراءة . 1330
الإجابة أقرب إلى "نعم"، فلنتعرف إذاً عما حصل منذ توثيق أول
حالة لنقص المناعة المكتسب (إيدز)، وفيما تمكنت البشرية من تقليص نسبة الوفيات، وتطويل
وسطي عمر المصابين، أم لا؟ كل ذلك في خضم انشغالنا بالأضرار الكارثية على صعيد البشر والاقتصاد في ظل جائحة كورونا.
منذ أول توثيق له في عام 1981، أصبح فيروس نقص المناعة المكتسب/الإيدز من بين الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم ومن أكثر الحالات الجائحة استمرارًا بنسبة أكبر من أي مرض معدي آخر،حتى وبالرغم من التقدم المستمر في استراتيجيات العلاج، حيث بلغ إجمالي عدد المصابين في جميع أنحاء العالم أكثر من 41 مليون مصاب، وكان نصيب جنوب صحراء إفريقيا وحدها حوالي 22.5 مليون مصاب والذي يمثل أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز في جميع أنحاء العالم و 76 ٪ من إجمالي عدد الوفيات.
في عام 2007، قُدر عدد المصابين بالإيدز في جميع أنحاء العالم حوالي 33.2 مليون مصاب، بما في ذلك 2.5 مليون طفل
-
في عام 2007، قُدر عدد المصابين بالإيدز في جميع أنحاء العالم حوالي 33.2 مليون مصاب، بما في ذلك 2.5 مليون طفل، مع 2.5 مليون حالة جديدة في ذلك العام، و2.1 مليون حالة وفاة ، أما في عام 2020 وبعد العديد من الإكتشافات والتطورات في معرفة المرض وطرق تشخيصه وعلاجه، فتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 38.0 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب بما في ذلك 1.7 مليون حالة جديدة و 0.7 مليون حالة وفاة مرتبطة بفيروس نقص المناعة ، مما يؤكد دور الدراسات الحديثة في منع تطور المرض وتقليل سرعة انتشاره وأثره الملحوظ في تقليل أعداد الوفيات.
مع دخول العالم العقد الخامس من وباء فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز، ومع التطور المشهود في جميع مجالات العلوم والصحة، تم تطوير عدد من الأدوية الجديدة لتمثل حل لجميع مشكلات الأدوية الحالية ، فمثلاً تهدف لحل مشكلة الجرعات والحبوب وآثارها الجانبية، السمية ومقاومة الفيروس للدواء في مضادات الفيروسات (ART)، ولا يقتصر هذا التطوير على الأدوية الرئيسية فقط مثل مثبطات النسخ العكسي للنيوكليوزيد (NRTIs) ، مثبطات النسخ العكسي غير النوكليوزيدية (NNRTIs) ومثبطات الأنزيم البروتيني (PIs) (جميعها ادوية تعمل على الحمض النووي للفيروس DNA)، ولكنه أيضاً يمتد ليشمل إبتكار طرق جديدة لمنع تضاعف الفيروس، كما يتم دراسة دمج أكثر من دواء معاً بأكثر من طريقة عمل لزيادة السيطرة على الفيروس ، والتي بدورها تشكل نظم علاج فعالة للغاية مضادة للفيروسات قادرة على معالجة جميع جوانب دورة حياة فيروس نقص المناعة المكتسب بأقل قدر من السمية.
1 ٪ من سكان العالم لديهم مناعة طبيعية ضد فيروس الإيدز
ونظرًا للتحسن والتطور الملحوظ في إدارة فيروس نقص المناعة عن طريق العلاج المضاد للفيروسات، تهدف أبحاث اليوم بشكل أساسي إلى تطوير طريقة عمل الأدوية، زيادة مدة عملها، تقليل سُميَّتها أو إلى دمج أكثر من دواء فتكون دواء أو لقاح مزدوج أو ثلاثي بأكثر من طريقة عمل ليتم السيطرة على المرض بشكل كامل، وتعد الأدوية المضادة للفيروسات هي أول تلك التطويرات حيث يتم دراسة إمكانية زيادة مدة عملها لتصبح ذات تأثيرات طويلة الأمد، والتي من المتوقع أن تكون بجرعات أسبوعية أو شهرية أو حتى سنوية أقل تكرارًا.
تم إجراء عدة محاولات لتطوير علاج دائم لفيروس نقص المناعة، ويعتبر تطوير الأدوية التي يمكن أن تمنع تكاثر الفيروس عن طريق الارتباط بتسلسل معين من الحمض النووي الريبي للفيروس هو أكثرها أهمية واحتمالية للتنفيذ، حيث أن الهدف الرئيسي منه هو استهداف خزان فيروس نقص المناعة البشرية الذي يبقى في حالة نائمة داخل الخلايا.
تطبيق أخر مهم، وهو تطوير الأدوية ليتم استخدام أكثر من دواء بأكثر من طريقة عمل، حيث يقوم بتنشيط الخزان الفيروسي الخامل أولاً، ثم يليها قتل الفيروس بواسطة العلاج المضاد للفيروسات المعتاد. وبالمثل ، تم تطوير صناعة لقاح مزدوج ، حيث يستهدف أحد اللقاح خزان الفيروس ، بينما يطلق الآخر تكوين الأجسام المضادة التي تمنع تكاثره. ومع ذلك، فإن الأدوية المتوفرة حاليًا قادرة على تنشيط 5٪ فقط من الخزان الفيروسي، وهو العيب الرئيسي لهذا النهج.
يسعى العلماء بتحرير العالم من هذا الفيروس بحلول عام 2030، باعتباره واحد من أشد الأمراض المعدية انتشاراً واكثرهم خطورة
دِراسةٌ حول لَقاحات كورونا المتوفِّرة والمُعتمَدة حول العالَم.
يعد العلاج المناعي لفيروس نقص المناعة البشرية نهجًا حيويًا آخر يتضمن التنشيط الدوائي للخزان الفيروسي والتحريض بوساطة اللقاح للاستجابة المناعية القوية الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية، في هذا السياق، فإن اللقاح الأكثر احتمالًا هو اللقاح الذي يحفز إنتاج الأجسام المضادة ضد بروتين HIV 3S ، الذي يحفز الخلايا التائية للتعرف على الفيروس وقتله بطريقة أكثر فعالية.
ويعتبر التحرير الجيني نهج محتمل آخر، حيث يتم تقديم طفرة معينة في الجينوم البشري، ويعاني حوالي 1 ٪ من سكان العالم ممن لديهم مناعة طبيعية ضد فيروس نقص المناعة البشرية من هذه الطفرة، وتؤدي هذه الطفرة الجينية إلى تطوير بروتين سطح الخلية المناعية (CCR5) والذي يختلف هيكليًا عن النوع العادي من البروتين، فلا يتمكن الفيروس من الإرتباط بالبروتين المُعدَل، ونتيجة لذلك ، يصبح من المستحيل على الفيروس دخول الخلية المناعية وإصابتها، مما يجعل الشخص مقاومًا لعدوى فيروس نقص المناعة المكتسب. كما يحاول الباحثون أيضًا استهداف أجزاء أخرى من دورة حياة فيروس نقص المناعة البشرية، فعلى سبيل المثال، يمنع المثبط التجريبي fostemsavir فيروس نقص المناعة البشرية من إصابة الخلايا المناعية عن طريق الارتباط ببروتين gp120 الموجود على سطح الفيروس.
الفارق الكبير اليوم في التشخيص والعلاج أدى إلى أن الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية لديه متوسط عمر متوقع مماثل لشخص طبيعي غير مصاب بالفيروس
تعددت الطرق التي سلكها ومازال يسلكها العلماء للمحاولة على القضاء على هذا الفيروس، وفي ظل الثورة العلمية والإهتمام المتصاعد بالأبحاث العلمية الحديثة وسعي الباحثين للتطوير والتعلم والتجربة، لم يعد من المستحيل القضاء عليه كالعديد من الفيروسات الأخرى، حيث يسعى العلماء بتحرير العالم من هذا الفيروس بحلول عام 2030، باعتباره واحد من أشد الأمراض المعدية انتشاراً واكثرهم خطورة.
الآن وفي عام 2021، تشير الدراسات أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا ، والذين تم تشخيصهم في الوقت المناسب ، مع تعداد CD4 أكثر من 350 ، أصبحوا الآن أقل عرضة للوفاة من غيرهم في نفس الفئة العمرية ، ربما بسبب الرعاية الطبية المتقدمة بشكل أكبر.
في عام 2018 ، بلغ معدل الوفيات بين هذه المجموعة 0.119٪ (شخص واحد من كل 840 يموت سنويًا) مقارنة بـ 0.161٪ من عموم السكان (شخص واحد من كل 621 شخصًا سنويًا)، وهذا تغيير ملحوظ للمرض حيث ، في ذروة الإيدز وفي الأعوام السابقة كان هذا الرقم السنوي أشبه بواحد من كل خمسة، مما يشير إلى أن الفارق الكبير اليوم في التشخيص والعلاج أدى إلى أن الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية لديه متوسط عمر متوقع مماثل لشخص طبيعي غير مصاب بالفيروس، بشرط أن:
1- يتم تشخيصه في الوقت المناسب
2- الامتثال لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسب
3- الحصول على رعاية طبية جيدة
4- الالتزام بنمط حياة صحي.
نحو لقاحٍ مشتركٍ ضد كلٍّ من كورونا والانفلونزا الموسمية
وفي ظل انشغال العالم كله بأزمة الكورونا، نجد أن الحديث عن الإيدز والذي يشكل أهم الأمراض المعدية خطورة أصبح أقل من أي وقت مضى، لأنه وعلى الرغم من صعوبة الحياة مع الإيدز إلا أن العديد من المرضى تعلم جيداً كيف يتعايش معه، حيث ازدادت العناية بالمرضى في كل أنحاء العالم مما يقلل احتمالية العدوى، بالإضافة إلى زيادة وعيهم ووعي من حولهم في تجنب كل ما قد يسبب العدوى واللجوء لوسائل منع المرض المتطورة التي قد يلجأون إليها، بالإضافة إلى زيادة وتقدم وسائل التشخيص والحماية والعلاج، مما يساهم في الإكتشاف المبكر للمرضى وبالتالي زيادة نسب العلاج، وبالتالي تقليل عدد الإصابات والوفيات.
شيماء عثمان
المصادر:
· Ebrahim, O., & Mazanderani, A. H. (2013). Recent developments in HIV treatment and their dissemination in poor countries. Infectious Disease Reports, 5(1S), 2. https://doi.org/10.4081/idr.2013.s1.e2
· Klimas, N., Koneru, A. O. ’. B., & Fletcher, M. A. (2008). Overview of HIV. Psychosomatic Medicine, 70(5), 523–530. https://doi.org/10.1097/psy.0b013e31817ae69f
· A, K., S, C., RB, S., H, V., SS, S., & A, G. (2016). A REVIEW ON: HIV AIDS. Indian Journal of Pharmaceutical and Biological Research, 4(03), 69–73. https://doi.org/10.30750/ijpbr.4.3.9
· World health organization. (2020, June). Latest HIV estimates and updates on HIV policies uptake, July 2020. https://www.who.int/docs/default-source/hiv-hq/presentation-international-aids-conference-2020.pdf?sfvrsn=cbd9bbc_4
16 نوفمبر . 2 دقيقة قراءة
23 ديسمبر . 7 دقائق قراءة