20 فبراير . 3 دقائق قراءة . 774
فشلت في زراعة المحبة في القلوب
ولكنني نجحت في حصد الشّر منها
عماد توفيق حداد
قصة الكاتب مع الحب الأول كانت غريبة، لقد تولد عنده هذا الشعور مع فتاة مسافرة إلى لبنان كانت تسكن بجواره، كان يشاهد عملية سفرها، وفي اللحظات الأخيرة من وجودها في المنطقة التي يسكنها و أثناء سيرها من باب بيتها إلى باب السيارة المتوجهة إلى لبنان تولد لديه هذا الشعور مع هذه الفتاة، وركبت السيارة واتجهت إلى بيروت، شعر أنها انتزعت جزءاً كبيراً من روحه وأخذته معها، بعد أن تركت له بعض الجذور يعيش بها، ومنذ تلك اللحظة وكأنها شبه نبوءة بأن لا يعرف قلبه الحب، واستمرت حياته هكذا، جفاف، وصقيع، و عواصف، وأغلب أيامه كانت تنتهي بإرهاق شديد يكون فيها مستسلماً لسلطان النوم، لا يفكر بشيء، عاش أشباه حب فاشل، واستمرت الأيام إلى أن جاءت سيدة مبعوثة من القمر، تحمل رسالة المحبة بين شفتيها، لترميها بين شقوق صدره ، تلك الشقوق التي حفرتها الأيام السود، فنبت بها الورد الجوري الأحمر والحب، ومن خلال هذه السيدة التي يحترمها لدرجة القداسة علمته شيئاً عظيماً اسمه الحب، واستمرت أمواجها تضرب روحه، وعبثت رياحها برمل شواطئه، ولعدة أشهر استمرت خلالها في نثر المسك في خطواتها، بللت يديه بعطر كفيها، كان قلبه يستلم صوتها كأنه نغمات موسيقية جميلة، كان يحب الأحمر على كتفها، وتذهله عندما تلبس الأسود. وفي ليلة من ليالي تموز ركبت السفينة واتجهت نحو الغرب، وقبل أن تترجل من سفينتها قالت: "إذا لم يأتِ غداً، لن أنساك أبداً" وفي اليوم التالي حضر إلى المكان الذي سافرت منه ليجده وقد نبتت فيه الورود الجورية الحمراء، ولكنه كان كله حزيناً يبكي، والدموع منهمرة على خدوده، فأدرك أنها نسيت جزءاً من روحها، ووهبته له كي يذكرها، ومرت الأيام، والسنين والجوري مكانه ينتظرها، وهو ينتظر، ولكن عبثاً، لم تحضر، فهذا شكل الحب عنده دائماً مسافر. يحمل حقيبته، ويرحل إلى المجهول، ويبقى ينتظر ومعه فيروز، يردد كلماتها، بعدك على بالي، وبتشوفن ما مارقوا إلا إيداك، … وفي كل مرة يسمع فيها صوت فيروز، تحيي كل قصصه، ويشعر أنها تعيد سرد الرواية من جديد، ولكن في خياله وكأنها الحقيقة قد تكررت، ممكن أن تكون مع شبح وممكن مع ملاك آخر، ولكن في النهاية يبقى القلب وحيداً.