حكاية صورة -/٢/-رسالة مع الحمام الزاجل

Kenan Dumat

06 أغسطس  .   7 دقائق قراءة  .    720

في رجل حمامة كبيرة من نوع الحمام الزاجل، ورقة زرقاء مطوية بعناية، على سطورها وبحبر أسود مثل قلبه القاسي، أطلقت العنان لسيل مشاعري. 

لعل القدر يهدي الحمامة فتصل إليه وتترك الورقة على نافذته.!

---------------------------------------------------  

مرحباً .. 

كيف حالك؟ 

هل أنت سعيد؟

أعلم أن هذه "الديباجة" غير مناسبة هنا والآن .. لكني أردت الإطمئنان عليك .. هل أنت سعيد حقاً بما وصلت إليه من مكاسب؟!

دعني أخبرك هذه الحكاية ..  

أغلبنا يملك دُرجاً في خزانته أو مكتبه أو حتى في الكومودينو قرب سريره، يضع فيه أشياءه الخاصة، الهامة، القريبة إلى قلبه والغالية مادياً ومعنوياً. ليس ذلك فقط بل يضع له قفلاً. وفي ركن بعيد هادئ (على قولة أنغام) هناك درج جانبي مهمل بعيد عن مرمى النظر مفتوح أغلب الوقت يملؤه الغبار على اعتبار أننا لا نكلف نفسنا عناء تنظيفه، نرمي فيه كل ما لا حاجة لنا به أو ما لا قيمة له، لكن نحتفظ به .. ربما الأيام خلقت حاجة لنا فيه، وفي كثير من الأحيان يكون مصيره سلة المهملات بعد عدة سنوات (تعزيلة العيد أو بداية الصيف عندما تفرض أمهاتنا علينا ترتيب غرفتنا وتنظيفها فلا نجد بداً من ترتيب ذلك الدرج). 

ما أشبه الذي بيننا الآن بتلك الأدراج .. لقد نقلتك من الدرج ذو القفل إلى الدرج الآخر المهمل. 

أفكر فيك أحياناً .. أشتاق جلساتنا واحاديثنا .. للحميمية التي كنت أحملها لك .. أكره البرود بيننا ..

هل أندم؟! 

لا .. تعب الجفاء .. مهما دام سأعتاد عليه .. وسيزول .. الوقت كفيل بذلك .. لكن وجع روحي ونفسي .. جروح كبريائي .. لا شيء يقتلعها بسهولة .. ولن أكون من الضعف بحيث أقبل بها وأعتاد عليها .. مهما بلغت محبتي لك .. والتي لا تزال موجودة.

كلما فكرت بعلاقتي بك .. وما آلت إليه .. أتذكر نصيحة والدتي : " لا تقترب من أحد كثيراً .. اترك مسافة .. اترك حواجز دائماً .. لا تكره أحداً .. لكن لا تحب بلا عقل". 

لو طبقت هذه النصيحة كانت ستغنيني عما أمر به الآن .. معك ومع غيرك .. 

كنت أعترض في كل مرة أسمع تلك العبارة من أمي .. وأبرر بأني أريد أصدقاء وأحباء .. لا أريد أن أكون وحيداً .. أحب أن أكون مثل فلان أو فلان .. عزوته أصدقاؤه .. وعلاقاته .. 

نعم .. الأمهات دائماً على حق .. وهنّ أكثر من يعرف حقيقة أولادهن .. بالتأكيد هي تتمنى لو كنت اجتماعياً ومحاطاً بالكثير من الأصحاب .. لكنها كانت تدرك بالفعل مدى هشاشتي النفسية. 

كانت علاقتنا في البداية سطحية .. ثم اقتصرت على وسائل التواصل الاجتماعي عندما سافرتَ .. كنت أكلمك دائماً .. وأتحمل مزاجك وبعض أفكارك وأعزوها إلى الغربة .. 

ثم عدت .. وأصبحنا نتقابل يومياً  .. 

ومنذ اليوم الأول .. بدأت الأصنام تتحطم!!.

تغاضيت عن الكثير .. 

" إنه يمزح" ، " هو صديقي " ، " أحبه ويحبني " ، " هو لا يقصد شيئاً "، " لا أقوى على مقاطعته " ، " لقد قضينا وقتاً جميلاً .. كيف سأتخلى عن ذلك بسبب كلمة قالها أو تعليق" .. 

!!!

تعبت ..  لم أعد أقوى .. كرامتي .. صبري .. نفسي ..

ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير .. 

لحظة وجدتك لا تقبل على نفسك مني ما أقبله أنا منك .. 

انتفضت كرامتي عند هذه اللحظة .. لم تعد تقبل محبتي لك ثمناً .. لا يكفيها هذا الثمن .. من أنت حتى تفعل هذا بها؟! 

ذات ليلة .. اقتربت كرامتي مني وأنا في سريري أقرأ .. أقرأ سطراً وأفكر فيك سطوراً .. صفعتني .. كرامتي صفعتني ..  .. من هذا الذي تأسف عليه؟! .. زجرتني كرامتي .. 

إنه مثال للنفاق .. نموذج يحتذى للمتملق .. للمنظّر .. الذي يفتي في كل شيء .. للآفّاق المبالغ .. رمز لمن " يدس السم في العسل " .. ولمن " يتمسكن لحد ما يتمكن " .. 

على ماذا الأسف ؟! 

هل محبتك له أغشت عينيك؟ هل تملقه لك وكلماته اللطيفة أغفلت عقلك عن الحقيقة؟! 

استيقظ ..!! 

لم أقدر إلا أن أستيقظ !! .

آسف لإزعاجك باستيقاظي .. واعذرني على الرسالة القاسية .. بعض القسوة مطلوبة من حين لآخر .. 

لعلها يوماً توقظك أنت الآخر من غرورك .. أو توقظ المخدوعين بك ..!!

وداعاً 

  2
  3
 1
مواضيع مشابهة

08 أغسطس  .  3 دقائق قراءة

  2
  5
 0

24 أغسطس  .  4 دقائق قراءة

  2
  6
 0

05 أغسطس  .  2 دقيقة قراءة

  3
  3
 0

14 سبتمبر  .  3 دقائق قراءة

  3
  4
 1

23 يوليو  .  2 دقيقة قراءة

  2
  4
 0

05 أكتوبر  .  4 دقائق قراءة

  0
  5
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
باسل أسعد
08 أغسطس
حكاية جميلة ومؤثرة:) بانتظار الجزء الثالث و و و
  0
  1
 1