08 أغسطس . 3 دقائق قراءة . 600
مرآة الفرح / انتصار الابتسامة - من التراث الشعبي الإسباني.
حكاية اليوم ليست من بنات أفكاري، ولا من نسج خيالي، ولا حتى من واقعي أو خلاصة تجاربي.
هي حكاية من ثمرات الأوراق، حملتها كتب التراث من أرض إسبانيا.
حكاية تعكس شغف البحث عن نشوة الفرح والسعادة والانتصار على اليأس في واقعنا المتجهم البائس.
(ولا بأس ببعض السجع في المقدمة، في المقدمة فقط .. أعدكم .. فلست بارعاً به كثيراً.. هي فقط لعبة صغيرة.. كي نعيش جو ليالي شهرزاد، قبل أن يدركنا الصباح وينتهي زمن الكلام المباح).
---------------------
" كان ياما كان
في سالف العصر و الأوان .. نبيل من نبلاء بلاد الأسبان .. شغف قلبه بحب فتاة من فتيات أسبانيا الحِسان.
غير أن النبيل فشل في حبه وشارف على الانهيار، حتى أنه فكر يوماً في الانتحار.. نصحه أحد الأخيار أن يتنسك في دير فيكون له الدار .. وبالفعل .. عرف عزاء الحب في عزلة ذلك الدير لكن دون أن يفارق اليأس قلبه على خير.
---------------------
ذات يوم زاره ملاك في محرابه وقال له: لا تيأس، أنت قادر على إيجاد الفرح في الأرض، و سأساعدك شرط أن تلتزم بتعاليمي مدة ستة أشهر.
وأقسم النبيل على ذلك.
أخرج الملاك مرآة وقال: هذه المرآة مسحورة، تصب البلاء على من ينظر فيها متجهماً، لكنها تمنح الفرح للمبتسم، وما عليك سوى أن تنظر إليها مبتسماً كل صباح.
وفي اليوم التالي سمع الرهبان غناء النبيل صاحب المرآة فسارعوا لنصحه ورده إلى رشده، بيد أنهم استمروا يسمعون غناءه في الأيام التالية، وبدأ بعضهم يقلده .. وما هي إلا أيام معدودات حتى شع الدير كله من الفرح.
اضطرب الأساقفة الكبار وسارعوا لقطع دابر الفتنة وسبب تفشي الرذيلة، بأن أرسلوا النبيل إلى أكثر الأديرة تجهماً ويعرف بدير الظلام.
زار الملاك صاحبه قبل نفيه، وأسرّ له: لا بأس عليك، ولا ضرورة لحمل المرآة معك، فهي ليست سوى مرآة عادية .. وها قد امتلكت سر الفرح فلا حاجة لك بها بعد الآن.
في دير الظلام لم يختلف الوضع كثيراً، إذ سرعان ما تكررت عدوى الفرح بين الرهبان، وهو ما اعتبر كفراً بالقداسة .. وحكم على الراهب النبيل بالإحراق حياً.
وسيق بطلنا إلى المحرقة وقلبه مملوء بالفرح، مما دفع أحد عشر راهباً لمحاولة إنقاذه .. لكنهم هلكوا معه!
التقت أرواحهم جميعاً .. لضرورة إنهاء القصة .. واللقاء كان في الجحيم حيث سيقوا بخطاياهم .. واستمروا في غنائهم.
الجحيم المملوء بأصوات الصراخ والعويل والعذاب .. طربت كهوفه لأصواتهم .. واضمحلت صيحات العذاب من النار فيه شيئاً فشيئاً ليحل محلها الغناء ..!.
وتناهى الغناء إلى سدرة المنتهى، فقال الله: (( دعوهم، لا تحطموا لهم المرآة فقد استحقوا السعادة)). ..!."
----------------------
إن الابتسام ينتصر حتى في الجحيم ..! .. هكذا يقولون!.