الموت القابع تحت السرير

Dany Awwad

07 يوليو  .   4 دقائق قراءة  .    570


(1)

كل ليلة أشعر ببرودة بشرته تخترقني.  يقبع تحت سريري كلما حاولت الخلود إلى النوم. يطاردني ذلك الهاجس منذ زمن بعيد، منذ كنت طفلاً، كان يأتيني كل ليلة ويهددني بأنه سوف يمسك بي عند اول محاولة للنزول على الأرض. ما أن تلامس قدماي الأرض، ستمتد يد رمادية باردة وتأخذني بعيداً. لا اعلم ان كان  ذلك الـ”هناك” الذي سيأخذني إليه هو مكان افضل أو أسوأ من هذا العالم.. لا يهمني! مجرد التفكير بالرحيل يقضُّ مضجعي.

(2)

لا يزال تحت السرير ينتظر. أتجاهله، او أقنع نفسي بذلك، استحضر رائحة امرأة عبرت بي ذات مرة، أغمض عيناي، أجد نفسي على شاطيء صخري.. اتسلق جبل، أصل لقمته، لأجد شيخاً يبيعني خبزاُ.. أخبرتني صديقتي ذات مرة أن الخبز في المنام لا يبشر بالخير، صمتت، وصمتّ.. لم أسألها عن التفاصيل.. اكملت ارتشاف قهوتي، أشحت  بوجهي عنها قبل أن تختفي تاركة قطعة حلوى على المنضدة.

(3)

صدمت بسيارتي هرة اليوم، هل يتوجب علي دفع ديّة؟ أجابني بالطبع! شعرت بالحزن واقمت وليمة لقطط الحي تلك الليلة.

(4)

هذه الليلة الثانية التي لم انم فيها.. ربما كميات “النسكافيه” التي ابتعلتها طيلة النهار هي السبب. كنت اخاف  الظلام عندما كنت صغيراً. أذكر تماماً كيف كنت اخبيء جسمي الصغير تحت اللحاف، وكأنه هو المنقذ، تكوير جسمي وعدم الحراك هو الحل الناجع لكل الأخطار التي تحدق بي حالما تطفيء أمي الضوء..  ربما هي الغريزة.. قرأت ذات مرة أن هناك حيوانات تتصنّع الموت لتنجوا من صياديها. هل كنت أتصنّع الموت لأنجو من الموت؟



اقرأ أيضًا ضمن المواضيع التالية:

الشعر والنثر،

القصص والروايات،

التجارب الشخصيّة.


(5)

أنا اعلم أنه لا يرحل دون أن يأخذ شيء معه.. البارحة أخذ معه وردة كانت في مزهريتي.. منذ مدة، أخذ معه قريباً لي في رحلة. وعدني بأرجاعه، لكنه لم يفعل. قد يأخذ أشياء عدة.. سأعطيه بعض الوقت من إجازة نهاية الأسبوع. أهديته ذات مرة خلايا سيئة في الدم ليهديني جولة في نفق مظلم، أوصلني لبقعة ضوء ولكنه سرعان ما أعادني مع أول رجاءٍ لصديق ودمعة أم. الجدير بالذكر أنه لم يتمكن من اخذ عطرها الممتزج بذاكرتي..

(6)

أزاول نشاطاتي المعتادة كأن لا شيء سيزول. مها حاولت، أجد يديه تقتربان من تجاعيد كبار السن، أسمع قهقته تصدر من قطرات الأمصال في المستشفيات، اقرأ أسمه مدموغاً على رصاص الأسلحة والسيوف المتعطشة للدماء.. يرسل لي بطاقة دعوة كلما حذرتنا المراصد من زلزال وشيك…

(7)

سيبقى قابعاً تحت السرير.. لن يذهب مهما تمتمتُ بآيات قرآنية وأدعية أوصتني أمي أن أتلوها بشكل يومي. يزورني بالكوابيس حاملاً معه أسناناً مقلوعة. وفي النهار أقرأ مقالاته في عاموده اليومي: “الوفيات”.. وان اجتنبت قراءته، يهاجمني على الجدران.. بملصقات رخيصة الثمن..

(8)

سيبقى قابعاً تحت سريري ينتظر، أسمع ضحكاته.. امزجها مع موسيقى نيرفانا السوداوية، أطأ على أوراق أشجار خنقها الخريف. أشاهد طفلاً يدخل مدرسته، أُيقن أني هزمته هذا الصباح..أضحك، واكمل طريقي للعمل.

  1
  3
 1
مواضيع مشابهة

21 أغسطس  .  7 دقائق قراءة

  2
  4
 0

14 يوليو  .  2 دقيقة قراءة

  5
  11
 2

19 مارس  .  2 دقيقة قراءة

  2
  6
 0

11 فبراير  .  1 دقيقة قراءة

  1
  2
 0

03 أغسطس  .  3 دقائق قراءة

  1
  6
 0

27 مارس  .  1 دقيقة قراءة

  0
  2
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
لينا شباني
09 يوليو
خواطر مذهلة, ونص فوق الدهشة بكثير. تحياتي
  1
  2